الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء
.باب الوديعة والإيداع في اللغة: تسليط الغير على الحفظ، وركنها: الإيجاب والقبول، وشرطها: كون المال قابلا لإثبات اليد ليتمكن من حفظه، حتى لو أودعه الآبق أو المال الساقط في البحر لا يصح وكون المودع مكلفاً شرط لوجوب الحفظ عليه. وفي النهاية قال: الوديعة أمانة في يد المودع، فإن قيل: الوديعة والأمانة كلاهما عبارتان عن معنى واحد، فكيف جوز بينهما المبتدأ والخبر، ولا يجوز إيقاع اللفظين المترادفين مبتدأ وخبرا إلا على طريق التفسير، كقولك: الليث أسد، والجيش منعة، ومراد المصنف رحمه الله تعالى هنا ليس تفسير الوديعة بالأمانة! قلنا: جواز ذلك هاهنا بطريق العموم والخصوص، فإن الوديعة خاصة والأمانة عامة وحمل العام على الخاص صحيح دون العكس. فالوديعة هي الاستحفاظ قصداً، والأمانة هي الشيء الذي دفع في يده، سواء كان .كتاب العارية اعلم أن العارية نوعان: حقيقية ومجازية. فالحقيقية: إعارة الأعيان التي يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، كالثوب والدواء والعبد والدابة والمجازية: إعارة ما لا يمكن الانتفاع به إلا بالاستهلاك، كالدراهم والدنانير والمكيل والموزون والمعدود والمتقارب فيكون إعارة صورة قرضاً معنىً. وفي الصحاح: العارية بالتشديد كأنها منسوبة إلى العار لأن طلبها عار وعيب، والعارة مثل العارية. وفي المغرب: والعارية فعلية منسوبة إلى العارة اسم من الإعارة. وفي الهداية: هي من العرية وهي العطية. وفي الكافي: من التعاور وهو التناوب فكأنه يجعل للغير نوبة في الانتفاع بملكه إلى أن يعود إليه كذا في الدرر. وفي المبسوط: على أن تعود النوبة بالاستيراد متى شاء. وفي النهاية: وأما محاسن العارية فهي النيابة عن الله تعالى، فإن المعير نائب عن الله تعالى بإذنه في إجابة المضطر، وكذلك من تحققت حاجته وقصرت قدرته لصغر يده عن تملك العين ببدل وهو الشرى، وعن تملك المنفعة بعوض بالاستيجار وهو يحتاج إلى الانتفاع وكل من أجاب مضطرا في إزالة اضطراره كان نائبا عن الله تعالى، وكفى به شرفا أن يكون العبد نائبا عن الله تعالى. فشرف الخليفة والقاضي على سائر الناس لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «السلطان ظل الله في الأرض» الحديث. من حيث إن الناس ينعمون في حمايته ويستروحون برعايته، فكذلك المستعير ينتفع بالمستعار. والعارية لا تكون إلا عند محتاج كالقرض ولذلك زيد ثواب القرض على ثواب الصدقة قال النبي عليه السلام: «الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر». لأن القرض لا يقع إلا عند محتاج، والصدقة قد تصادف غير محتاج. وقد ذم الله تعالى أقواما لا يتصدقون ولا يعيرون بقوله عز وجل: {وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} إلى أن قال: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [سورة الماعون: آية 7]. فالماعون ما هو عون لأخيه في حوائجه كالفأس والقدر وغير ذلك. فإذا منع هذه الأشياء كان هو غاية الشح، عصمنا الله تعالى عن سفساف الأمور وشح الصدور. وأيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم باشر الاستعارة، فلو كان العار في طلب العارية لما كان باشرها فإن النبي عليه السلام موصوف بالأخلاق المهذبة والمكرمة والنعوت المعظمة. وأما ما قاله الجوهري وصاحب المغرب في تعليل التسمية للعارية ينافي بما في الهداية والنهاية والمبسوط من الروايات الصحيحة عن خير البرية، والحري أن لا يتعجب أمثال هذا القول من البشرية. .كتاب الهبة وهي في اللغة: إيصال النفع إلى الغير. وفي الشريعة: تمليك العين بلا عوض. وفي المغرب: الهبة: هي التبرع والتفضل بما ينفع الموهوب له، يقال: وهب له مالا وهْبا ووَهَبا بالتحريك وهِبةً وكذا في الكفاية، وفيه: ويسمى الموهوب هبة وموهبة والجمع: هبات ومواهب، واتهب منه: قبله، واستوهبه: سأله، ورجل وهاب ووهابة أي: كثير الهبة الهاء للمبالغة. وأهلها: أهل التبرع: وهو الحر المكلف، والتبرع بالشيء: التطوع به، وفعلت كذا متبرعا أي: متطوعا وفي المصادر: "تبرع دادن نه برسبيل وجوب". وركنها: الإيجاب والقبول لأنها عقد، وقيام العقد بالإيجاب والقبول. وفي التوضيح: هبة الدين ممن عليه الدين إبراء والهبة لثواب الآخرة صدقة، ومع النفل إكراماً هبة ويكفي فيهما البعث والقبض من غير لفظ. اتفقوا على أن تخصيص بعض الورثة بالهبة مكروه، وعلى تفضيل بعضهم على بعض كذلك. ثم اختلفوا: هل يحرم؟ فقال أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله: لا يحرم، وقال مالك رحمه الله: يجوز أن ينحل الإنسان بعض ولده بعض ماله، ويكره أن ينحله جميع ماله، وإن فعل ذلك نفذ إذا كان في الصحة. كذا في الإشراف. (العمري): تبقية الشيء مدة عمر الموهوب له أو الواهب، بشرط الاسترداد بعد موت الموهوب له، مثل أن يقول: داري لك عمري، فتملكيه صحيح وشرطه باطل. "وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز العمري والرقبى" وعنه: "لا عمرى ولا رقبى" وعن شريح: "أجاز العمرى ورد العقبى". وتأويل ذلك أن يراد بالرد إبطال شرط الجاهلية، وبالإجازة أن يكون تمليكا مطلقاً. (وأما العقبى): فهي في اللغة جزاء الأمر. كذا في الصحاح، وقيل: العاقبة والعقبى: آخر الأمر. (والرقبى): فهي أن يقول: أرقبتك داري وجعلتها لك حياتك، فإن مِتُّ قبلي رجع إلي وإن مت قبلك رجعت إليك ولعقبك. وقال أبو حنيفة ومالك: الرقبى باطلة، إلا أن أبا حنيفة يبطل المطلقة دون المقيدة، وصفة المطلقة عنده أن يقول هذه الدار رقبى كذا في الإشراف. .كتاب الإجارة وفي كتاب العين: آجرت مملوكي أوجره إيجاراً فهو مؤجر. وفي الأساس: آجرني داره فاستأجرتها، وهو مؤجر، ولا تقل مؤاجر فإنه خطأ قبيح. وفي باب: "أفعل" من جامع الغوري: آجره الله لغة في أجره وآجره من الإجارة. وفي باب: "فاعل" آجره الدار. وهكذا في ديوان الأدب والمصادر. قيل: وفيه نظر. وإنما الصواب ما أثبت في "العين والتهذيب والأساس" على أن ما كان من فاعل في معنى المعاملة كالمزارعة والمشاركة لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد ومؤاجرة الأجير من ذلك فكان حكمها حكمه وما تعاون فيه القياس والسماع أقوى من غيره. فالحاصل أنك إذا قلت: آجره الدار والمملوك فهو من "أفعل" لا غير، وإذا قلت: آجر الأجير كان موجهاً. وأما قولهم: آجرت منك هذا الحانوت شهرا فزيادة "من" فيه عامية، إنما الصواب: آجرتك هذا الحانوت شهراً. واسم الفاعل من نحو آجره الدار فهو: مؤجر، والآجر في معناه غلط، إلا إذا صحت الرواية عن السلف، فحينئذ يكون نظير قولهم: "مكان عاشب وبلد ماحل في معنى معشب ومحمل" واسم المفعول منه مؤجر لا مؤاجر. ومن الثاني: من آجر الأجير مؤجر ومؤاجر، ومن قال واجر فعذره أنه بناه على يواجر وهو ضعيف. وأما الأجير: فهو مثل: الجليس والنديم في أنه فعيل بمعنى المفاعل. وفي درر الحكام: هي لغة فعالة من أجر يأجر من بابي: طلب وضرب اسم للأجرة وهي ما يعطى للأجير. قال صاحب النهاية: وكان شيخي كثيرا ما يقول: فمن محاسن الشرائع أن الفقير ينتفع بفلسته من الاستحمام مثل انتفاع غني صرف الألوف لاستحمامه في بناء الحمام. فالبياعات شرعت على حظ الأغنياء والإجارات شرعت على حظ الفقراء. (الأجر): الثواب. (والثواب): جزاء الطاعة وكذلك المثوبة كذا في الصحاح. (الشتيت): المتفرق، وقوم شتى، ومسائل شتى، وأشياء شتى، وجاؤوا أشتاتا أي: متفرقين. .باب الولاء ومنه قوله عليه السلام: «الولاء لحمة كلحمة النسب» أي: وصله كوصل النسب. وقيل: الولاء والولاية بالفتح: النصرة. وفي الصحاح: الولاء: ولاء المعتق، وفي الحديث: «نهى عن بيع الولاء وعن هبته». (والولاء): الموالون. والموالاة ضد المعاداة، والمعاداة والعداوة بمعنى واحد. ثم اعلم أن الولاء نوعان "ولاء عتاقة: ويسمى ولاء نعمة" وسبب هذا الولاء الإعتاق عند الجمهور، "وولاء الموالاة" وسببه العقد الذي يجري بين اثنين. وفي المغرب: المولى على وجوه: ابن العم، والعصبة كلها، والرب، والمالك، والناصر في قوله تعالى ذلك: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [سورة محمد: آية 11] والحليف: وهو الذي يقال له مولى الموالاة، والمعتق: وهو مولى النعمة والمعتق في قوله عليه السلام: «مولى القوم من أنفسهم» يعني موالى بني هاشم في حرمة الصدقة عليهم. وهو مفعل من الولي بمعنى القرب. كذا في المغرب. وزاد عليها صاحب المفاتيح: السيد، والمنعم، والمحب، والخليفة، والحر، والعبد، والمنعم عليه، والجار. والولي: ضد العدو، والولي: الصهر، وكل من ولي أمر واحد فهو وليه، ومنه: ولي اليتيم أو القتيل: مالك أمرهما، ووالي البلد: ناظر أمور أهله، ومصدرهما الوِلايَة بالكسر، والولاية بالفتح النصرة والمحبة، وكذا الولاء، إلا أنه اختص بولاء العتق وولاء الموالاة. (والتولية): أن تجعله والياً، ومنها بيع التولية. (والموالاة): المحاباة. (والمحاباة): والمتابعة أيضا، والولاء بالكسر في معناهما. وفي الصحاح: والمحابة: الموادة. (والحُبَاب) بالضم: الحب. .باب الإكراه وشرعاً: فقد ذكر في المبسوط: الإكراه اسم لفعل بفعل الآمر لغيره، فينتفي به رضاه أو يفسد به اختياره. وذكر في الوافي: الإكراه عبارة عن تهديد القادر غيره على ما هدده بمكروه على أمر بحيث ينتفي به الرضاء. وفي المغرب: يقال أكرهت فلانا إكراهاً: حملته على أمر يكرهه ولم يرضه. والكَرْه بالفتح: الإكراه، ومنه القيد كره. والكره بالضم الكراهة. وعن الزجاج: كل ما في القرآن من الكُرْه فالفتح فيه جائز إلا قوله تعالى: {وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [سورة البقرة: آية 216]. في سورة البقرة وكرهت الشيء كراهة وكراهية فهو مكروه: إذا لم ترده ولم ترضه. وقيل: الكُرْه بالضم: المشقة، والكَرْه بالفتح: تكليف ما يكره فعله، وقيل: هما لغتان في المشقة. .باب الحجر (والحِجْر): بالكسر: ما أحاط به الحطيم مما يلي الميزاب من الكعبة. وقوله: كل شوط من الحجر إلى الحجر سَهْو، وإنما الصواب من الحجر، يعني الحجر الأسود، لأن الذي يطوف يبدأ به فيستلمه ثم يأخذ عن يمينه على باب الكعبة. (وحجر): الإنسان بالفتح والكسر: حضنه وهو ما دون إبطه إلى الكشح ثم قالوا: فلان في حجر فلان أي: في كنفه ومنعته وتربيته. .كتاب المأذون والإذن: الإعلام لغة. وفي الشرع: فك الحجر مطلقاً. كذا في المغرب. .كتاب الغصب والعين المغصوبة لا يملكها الغاصب، كالعبد المأذون لا يملك ما اكتسبه. والعبد كما كان محجورا عن التصرف فيما لمولاه بدون إذنه فكذلك الغاصب لا يملك ذلك شرعاً. والغصب في اللغة: أخذ الشيء ظلما وقهراً، ويقال للمغصوب: غصيب تسمية بالمصدر كذا في المغرب. وفي الشرع: أخذ مال متقوم محرم بغير إذن مالكه على وجه يزيل يده إن كان في يده. فالغصب شرعاً: لا يتحقق في الميتة والخمر لأنهما ليسا بمال ولا في خمر المسلم لأنها ليست بمتقومة ولا في مال الحربي لأنه ليس بمحرم ولا فيما أذن المالك بأخذه كالوديعة ولا فيما لا يزول يد المالك كزوائد الغصب كذا في التبيين.
|